06 May
06May

تحقيق/ محمود مقاوي

سجل قطاع الطاقات المتجددة نموا مهما خلال السنوات الماضية، مستفيدا من التطور التقني الذي أسهم في انخفاض كلفة إنتاجها، ومن الوعي العالمي بضرورة التخلي عن المصادر الطاقية الملوثة للبيئة، وهذا النمو يغذي الأمل في الوصول إلى الاعتماد كليا على الطاقات المتجددة في المستقبل. فهل أصبح هذا الهدف واقعيا أم ما زال بعيد المنال؟

فالعالم يواجه اليوم نقطة تحوُّل غير مسبوقة حيث يمثِّل تغيُّر المناخ تهديداً حقيقياً وداهماً للرخاء الذي يتمتّع به الكثيرون اليوم وما تطمح إليه الملايين وتعمل من أجل تحقيقه غداً، ولكن الأمر يتجاوز هذا الوضع بطبيعة الحال، لأنه يتعلّق بمجرد بقاء أكثر مواطني هذا الكوكب استضعافاً على قيد الحياة، وهو أنه يتصل أيضاً بحماية النُظم الإيكولوجية والتنوّع الأحيائي الذي يتعيَّن علينا تأمينه، كما أن تغيُّر المناخ لا يزال متواصلاً إلى حدٍ كبير من جرّاء الانبعاثات المتأتية من احتراق أنواع الوقود الأحفوري وبرغم وجود الكثير من العوامل المهمة الأخرى التي تساهم في هذا الأمر، ومن أجل الحدّ من تغيُّر المناخ فإن علينا أن نخفِّض استهلاكنا من هذه المحروقات الكثيفة الكربون، أما الطاقات المتجدِّدة فيمكن ويجب أن تكون جزءاً محورياً من هذه الخطة.

والحاصل أن تكنولوجيات توليد الطاقة المتجددة ظلت تمثِّل أكثر من نصف جميع إضافات قدرة التوليد الكهربية الجديدة في كل سنة منذ عام 2011. واليوم، أصبح هناك 164 بلداً تتوخّى أهدافاً تتعلّق بالطاقة المتجددة وبزيادة عمّا كان عليه الحال في عام 2005 الذي شهد 43 بلداً فقط. وهناك نسبة قياسية مرتفعة تزيد على 130 غيغاواط من الطاقة المتجددة تمت إضافتها إلى مجموعة الطاقة العالمية في عام 2014، فيما زادت الاستثمارات في هذا القطاع من 55 بليون من دولارات الولايات المتحدة في عام 2004 إلى أكثر من 260 بليون دولار في عام 2014. وفي عام 2014 استجدت أيضاً إضافات الطاقة الجديدة من الخلايا الشمسية الفولطاضوئية لتسجِّل رقماً قياسياً جديداً بحجم 40 غيغاواط، بينما كان لطاقة الرياح بدورها سنة قياسية حيث أضافت 52 غيغاواط.

في السياق ذاته، تستهدف مصر الوصول بإنتاجها للكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى 6.8 غيغاواط بحلول عام 2024، مقسّمة بين 1.6 غيغا من طاقة الرياح و1.9 غيغا من محطات الطاقة الشمسية،حيث وضعت مصر استراتيجية للطاقة المتكاملة والمستدامة، تتضمن بندا لاستغلال الطاقـة النظيفة، ومستهدفة الوصول بها إلى 42 بالمئة من إجمالي القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء، وذلك بحلول عام 2035، من بينها 22 بالمئة من الخلايا الشمسية، و14 بالمئة من طاقة الرياح، و4 بالمئة من المركزات الشمسية، و2 بالمئة من الطاقة المائية.
كما تستهدف "رؤية مصر 2030" بناء اقتصاد تنافسي ومتوازن في إطار التنمية المستدامة، تلعب فيه الطاقة المتجددة دورا محوريا، وتسهم في تحويل مصر لنقطة ارتكاز محوري على خريطة الطاقة العالمية، تصل بين إفريقيا وآسيا وأوروبا عبر تعزيز ترابط شبكات الكهرباء والطاقة في دول المنطقة وخارجها.

ونرصد لكم أبرز الآراء حول أهمية الرؤية المصرية وإمكانية تنفيذها، فقد ذكر أحمد سلطان، المهندس المتخصص في شؤون النفط والطاقة، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن مصر تمتلك العديد من موارد الطاقة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي من المفترض أن تسهِم بنسبة تتعدى 40 بالمئة من إجمالي قدرة الطاقة بحلول عام 2035، وظهر الأثر المباشر لاستراتيجية مصر في استغلال هذه الموارد في القضاء على أزمة الطاقة الكهربية نهائيا، والوصول للاكتفاء الذاتي، والتحول إلى التصدير.

وحسب سلطان، فإن هذه الوفرة "تغطي الزيادة السنوية المطلوبة في القدرات المركبة لنحو 5 أعوام قادمة، لكن بعد هذه الأعوام الخمس ستحتاج مصر حتما إلى قدرات مركبة جديدة، لذلك فإنها ملتزمة بنشر تقنيات الطاقة المتجددة على نطاق واسع"، مشيرا إلي أن مصر مؤهلة لتكون مركزا إقليميا للطاقة، فلديها البنية الأساسية القوية، وتسعى إلى إدخال طاقة الهيدروجين الأخضر لفتح أسواق وآفاق جديدة للاستثمار في مختلف مجالات الطاقة، وظهر هذا التطلّع خلال توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي، والتي تضمنت العمل المشترك في مجالات الطاقة من البترول والغاز والكهرباء.

وأضاف احمد سلطان بأنه يبلغ إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي الجديد في مشروعات الطاقة المتجددة 4.4 مليارات دولار، موزعة بين مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتنعكس مشروعات الاستثمار الأجنبي الجديدة في إضافة 3500 ميغاواط، طبقا للتقرير الصادر من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في بداية عام 2022.

ومن جانبه، أوضح المهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق في مصر، أن الطاقة المتجددة والنظيفة لديها الكثير لتقدمه لصناعة الطاقة العالمية في المستقبل، مشيرا إلى أن الدول العربية تشهد انتعاشه قوية في الاعتماد على الطاقة المتجددة، بما يُمثل رسالة قوية لدول العالم بأنه حتى الدول المنتجة للنفط تسعى إلى الاعتماد على الطاقة البديلة إلى جانب "الذهب الأسود"، مشددا على أن هذا النوع من الطاقة ما زال بحاجة إلى ضرورة الاستمرار في استراتيجيات الاستدامة لزيادة الاعتماد عليه كبديل نظيف لمصادر الطاقة الأخرى.

وأكد أن مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن تحقق ما لا يحصى من المنافع، فعادة ما توفر تقنيات الطاقة المتجددة بديلا آمنا ومستقرا للطاقة، وعاملا مهما في جلب الاستثمارات في البنية التحتية والخدمية للطاقة المتجددة المحلية كقيمة مضافة محلية كبيرة، من خلال توفير العديد من فرص العمل، وداعما محوريا للاقتصاد المحلي، وكذلك يمكن أن تؤدي الطاقة المستغلة والمستمدة من المصادر المتجددة إلى تحرير الاحتياطيات الهيدروكربونية أو غير المتجددة الآخذة في الانخفاض، وتخفيض مستوى عدم استقرار أسواق الطاقة العالمية، من خلال تخفيف العبء الضخم والثقيل الذي يلقيه الدعم على كاهل التمويل والاستثمار.

في هذا الإطار ، فقد أشار الدكتور "محمد السبكي"رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، بأن هناك صعوبة الآن للإعتماد عليها بشكل كلي عوضًا عن الطاقة الغير متجددة ،نتيجة إن هذه الطاقة متواجدة لفترات محدودة أثناء فترة النهار،وبالتالي هي تحتاج إلي بطاريات لتخزين الكهرباء حتي يمكن أن تعمل علي مدي “٢٤”ساعة،مما يجعل هناك زيادة في التكلفة بنسبة كبيرة جداً ،مايحول اي تطبيق من هذا الشكل الي تطبيق غير مجدي بالنسبة للنواحي المالية ،إذن يمكن القول أنه لا يمكن الإعتماد بشكل كلي علي الطاقة الكهروضوئية من الشمس.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.